ميدي 24 / هيئة التحرير
مرة أخرى، يعود مهرجان “موازين” ليشعل الجدل، لا بفعل عروضه الفنية، بل بسبب ما رافق نسخته الأخيرة من فوضى تنظيمية وتبذير مالي يطرح أكثر من علامة استفهام حول الجدوى الحقيقية من تنظيم هذا الحدث الضخم سنويا، وسط وضع اجتماعي واقتصادي دقيق.
السهرة التي أحيتها الفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب تحولت إلى مصدر غضب شعبي، بعدما فشل المئات ممن اقتنوا التذاكر في الدخول إلى فضاء الحفل، رغم انتظارهم لساعات طويلة. سوء التنظيم، وغياب خطة واضحة لتدبير الحشود، فضلا عن الاكتظاظ وغياب ممرات آمنة، كلها عناصر جعلت الكثيرين يشعرون بالإهانة، وطرحوا بصوت عالٍ: من المستفيد من كل هذا العبث؟
لكن ما جرى في سهرة شيرين ليس إلا صورة مصغرة لما يشوب المهرجان منذ سنوات، فهو مشروع يُصرف عليه بسخاء من ميزانية ضخمة في بلد يعاني من أزمات تعليم وصحة وبطالة، حيث يتم جلب فنانين عالميين بأجور فلكية، مقابل عروض غالبا ما تُمنح مجانا أو بتذاكر رمزية لجمهور يُعامل كـ”حشد” لا أكثر.
في وقت تتجه فيه دول عديدة إلى مراجعة أولوياتها الثقافية، وتوجيه الدعم نحو المبادرات المحلية والفنانين الشباب، لا يزال مهرجان موازين يمثل نموذجا صارخا لانفصال السياسات الثقافية عن هموم المواطنين، فما الجدوى من إنفاق ملايين الدراهم على بضعة ليالٍ غنائية، في حين تقف عشرات المدن المغربية دون مسارح أو دور ثقافة أو فضاءات للشباب؟
الحديث عن السياحة والترويج لصورة المغرب لم يعد مقنعا، ما دام المهرجان لا يستقطب إلا فئة محدودة، ولا ينعكس فعليا على الدورة الاقتصادية المحلية. فهل آن الأوان لإعادة النظر في هذا النموذج المكلف، وتوجيه الموارد نحو ما يفيد المغاربة فعلا؟ أم أن “موازين” سيبقى رمزا للاستهلاك الثقافي بلا وزن، ومرآة لعطب في ترتيب الأولويات؟