ميدي 24 / هيئة التحرير
مرة أخرى، يُثير إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عاصفة داخل حزبه، بعد المصادقة المثيرة للجدل على تعديل المادة 217 من النظام الأساسي، في اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني عشر، هذه المادة التي كانت تشكل حاجزا قانونيا أمام التمادي في التموقع على رأس الحزب، تحوّلت اليوم إلى مجرد سطر بلا معنى، بعدما تم تمهيد الطريق للكاتب الأول للترشح لولاية رابعة، في سابقة غير مسبوقة في تاريخ الاتحاد.
الرسالة واضحة: لا صوت يعلو فوق صوت الزعيم
فبدل أن يكون التعديل مناسبة لتعزيز الديمقراطية الداخلية وتجديد النخب، تم استخدامه لتكريس منطق الهيمنة وتفصيل القوانين على مقاس شخص واحد، لم يعد الأمر مجرد طموح مشروع لقيادي سياسي، بل تحوّل إلى انقلاب ناعم على روح التناوب والمساءلة والتجديد، التي كانت إلى وقت قريب من مقومات المدرسة الاتحادية.
خطوة لشكر ليست فقط خرقا لأعراف ديمقراطية، بل تجسيد صارخ لانحراف الحزب عن مساره التاريخي، وهو الحزب الذي طالما رفع شعارات الشفافية والتغيير والمؤسساتية. كيف لحزبٍ كان يوما مدرسة في التكوين الديمقراطي، أن يتحول إلى أداة في يد شخص واحد يسعى للبقاء في القيادة مهما كلف الثمن؟
أن يُفتح الباب لولاية رابعة، هو إعلان صريح بأن الاتحاد الاشتراكي يعيش أزمة عميقة، عنوانها غياب البديل، وإسكات كل صوت معارض، وتهميش الكفاءات، مقابل بناء زعامة فردية لا مكان فيها للنقد أو التداول.
قد يُبرر البعض هذا التمديد بـ”الاستقرار التنظيمي”، أو “ضرورة القيادة في المرحلة الراهنة”، لكن الحقيقة أن من لا يستطيع أن يُكوِّن خلفا، لا يستحق أن يكون زعيماً.
والأخطر من ذلك، أن هذه الممارسات تُفقد الحزب ما تبقى له من مصداقية، وتغذي عزوف المواطنين عن السياسة، وتُفرغ العمل الحزبي من مضمونه الديمقراطي.
لشكر لا يضرب الديمقراطية عرض الحائط فقط، بل يعيد صياغة قواعد اللعبة الحزبية بما يضمن له البقاء زعيما أبديا لحزب وُلد ذات زمن ليكون صوت الشعب، لا ضحيته.