ميدي 24 / هيئة التحرير
تعيش وزارة العدل على وقع توتر جديد مع هيئات المحامين بمختلف جهات المملكة، بسبب مشروع القانون المنظم لمهنة المحاماة، الذي فجّر جدلا واسعا داخل الجسم المهني، وسط تحذيرات من تصعيد مرتقب يعيد للأذهان أزمة امتحان الأهلية الأخيرة التي لم تُطوَ بعد.
وتؤكد معطيات متطابقة أن عددا من هيئات المحامين عبّرت عن رفضها لمجموعة من المقتضيات التي تضمنها المشروع، خاصة تلك المتعلقة بشروط اجتياز امتحان الأهلية، والاقتطاعات الضريبية الجديدة، وآليات الرقابة على مكاتب المحامين، إضافة إلى نظام تدريب المتمرنين، معتبرة أن هذه الإجراءات تهدد استقلالية المهنة وتغلق الباب أمام الآلاف من خريجي كليات الحقوق.
ويُجمع المحامون على أن المشروع يميل نحو تشديد غير مبرر لشروط ولوج المهنة، ما يقصي فئة واسعة من حاملي الشهادات، ويضرب مبدأ تكافؤ الفرص وروح الدستور القائم على العدالة الاجتماعية، كما يرفضون الزيادة في الاقتطاعات الضريبية دون مراعاة التفاوت في مداخيل المهنيين، في وقت تعاني فيه المهنة أصلا من ضغط مالي وارتفاع تكاليف الممارسة.
أما أكثر النقاط إثارة للجدل، فهي تلك التي تفتح الباب أمام رقابة خارجية على مكاتب المحامين بدعوى تعزيز الشفافية، وهو ما تعتبره الهيئات مساسا خطيرا بسرية العلاقة بين المحامي وموكله وانحرافا عن المعايير الدولية للمهنة.
وفي ما يخص تكوين المحامين الجدد، لا تزال الوزارة تُحيل المسؤولية الكاملة على الهيئات والنقباء، رغم الصعوبات اللوجستيكية التي تعيق تأطير المئات من المتمرنين، في ظل غياب دعم مالي أو مراكز تكوين مشتركة تشبه معاهد المهن القضائية.
وبينما تتمسك الهيئات بضرورة فتح حوار شامل وتأجيل مناقشة المشروع إلى حين التوصل إلى صيغة توافقية، يبدو أن وزارة العدل ماضية في تمرير القانون وفق جدولها الزمني، ما ينبئ بموجة احتجاجات وإضرابات قد تعصف باستقرار المنظومة القضائية.
ويرى مراقبون أن هذا الصراع يكشف هشاشة العلاقة بين الوزارة وأصحاب البذلة السوداء، وغياب مقاربة تشاركية حقيقية في إعداد القوانين المؤطرة للمهن القضائية، داعين إلى بناء جسور الثقة وسن تشريعات متوازنة تراعي حقوق المحامين وتستجيب لمتطلبات العدالة بدل فرض مقاربة أحادية قد تفجر الوضع من جديد.