ميدي 24 / هيئة التحرير
تعيش مدينة سلا أزمة حادة في تدبير ملف دفن الموتى، بعد أن بلغت أغلب مقابرها طاقتها القصوى، وتحولت إلى فضاءات مغلقة لا تستقبل إلا من تمكن من إيجاد موطئ قدم لقبر جديد. المقبرة الأكبر، سيدي بلعباس، باتت نموذجا لهذا الاختناق، إذ يتم استغلال الممرات بين القبور بشكل عشوائي، دون احترام للقبلة أو المقاسات المعتمدة شرعا، في مشهد يعكس فوضى الواقع وغياب أي حلول قريبة.
المعطيات الرسمية تشير إلى أن سلا، التي يزيد عدد سكانها عن مليون نسمة، تسجل أزيد من 40 حالة وفاة يوميا، في وقت لم تعد فيه المقابر المتبقية قادرة على الاستيعاب، وأغلقت مقابر كثيرة أبوابها بشكل نهائي، مثل باب لمعلقة وسيدي بنعاشر، وسيدي الضاوي ودوار رياح وسيدي بوكطاية، بينما تلفظ مقبرة سيدي بلعباس أنفاسها الأخيرة بدورها.
المشاريع البديلة التي طرحت منذ سنوات، كمقبرة سيدي احميدة (12 هكتارا) ومقترحات جماعتي عامر وأحصين، بقيت معلقة في رفوف التجاذبات التقنية والسياسية، رغم الغلاف المالي الضخم المخصص لها، والذي تجاوز مليارا و200 مليون سنتيم، بل حتى اتفاقية الشراكة التي وُقعت سنة 2018 مع جمعية تدبير المقابر، والتي خصص لها 1.3 مليون درهم سنويا، فشلت في معالجة الأزمة المتفاقمة.
أما المشروع المشترك مع جماعة السهول لإحداث مقبرة على مساحة 20 هكتارا، فتم إجهاضه بسبب رفض وكالة الحوض المائي، التي اعتبرت الأرض المقترحة ضمن المناطق الوقائية للسد، ورغم تشكيل لجنة مختلطة للبحث عن بدائل، إلا أن مشكل العقار والأسعار ما زالا يشكلان حاجزا أمام إيجاد حل عملي.
في ظل هذا الواقع، يبقى ملف المقابر بسلا عنوانا لفشل تدبيري مزمن، يمس كرامة الأحياء والأموات معا، ويعكس غياب الإرادة السياسية لتجاوز الأزمة.