ميدي 24 / هيئة التحرير
تشير التطورات الأخيرة في مسار المحاكمات السياسية إلى قرب الإعلان عن “لائحة سوداء” ستعتمدها الأحزاب السياسية لإحداث تغيير شامل في تركيبة نخبها، حيث تسعى إلى التخلص من وجوه سياسية تورطت في قضايا فساد، وذلك استعدادا لاستحقاقات 2026.
وأكدت مصادر مطلعة، أن هذه المحاسبات القضائية تتم وفق خطة مدروسة تستهدف وضع حد لتكرار بعض الأسماء في المشهد السياسي، بما يمنع عودتهم إلى الساحة الانتخابية.
الأحزاب بدأت فعليا البحث عن بدائل للأسماء المدرجة ضمن هذه اللائحة، حيث تتجه إلى تقديم كفاءات شابة ووجوه جديدة في محاولة لتجديد هياكلها، في ظل توقعات بمزيد من المتابعات القضائية المتعلقة بجرائم الأموال واختلالات تدبير الشأن العام خلال الولايات السابقة والحالية. وتشير التقارير إلى انتشار واسع للفساد المالي في عدة مجالات، ما دفع إلى توسيع دائرة التحقيقات والمتابعات القضائية التي قد تطال عددا أكبر من البرلمانيين والمنتخبين.
وتواجه الأحزاب ضغوطا كبيرة لإصلاح هياكلها التنظيمية والقطع مع التساهل في منح التزكيات، إذ بات واضحا أن السلطات المشرفة على الانتخابات ستتخذ إجراءات صارمة في جميع مراحل العملية الانتخابية، من الاقتراع إلى تشكيل المجالس المحلية والإقليمية، كما تم توجيه انتقادات شديدة للأحزاب بسبب استمرار هيمنة القيادات التقليدية وغياب الديمقراطية الداخلية، ما يؤدي إلى تكريس ظاهرة “الوجوه القديمة” وتجاهل دعوات التغيير والتجديد.
أزمة تجديد النخب تعود إلى غياب آليات ديمقراطية فعالة داخل الأحزاب، حيث يستمر تحكم الولاءات القبلية والعائلية في اتخاذ القرارات الحزبية، عوض الالتزام بروح الخطاب الملكي الذي دعا إلى القطيعة مع أساليب الماضي وتبني نهج جديد يقوم على الابتكار والاجتهاد في تدبير الشأن العام.
هذا الوضع أدى إلى استغلال دعوات التغيير من قبل بعض القيادات الحزبية لتوريث المناصب للأبناء والمقربين، ما يعكس استمرار منطق التوريث بدلا من التداول الديمقراطي على المسؤوليات.
في الوقت الذي يضع الخطاب الملكي إطارا واضحا لإحداث ثورة في المجال السياسي، تشمل التبسيط والنجاعة والتخليق، يبقى على الأحزاب اتخاذ خطوات عملية لتجاوز الأعطاب التنظيمية وإعادة بناء الثقة مع المواطنين عبر تقديم نخب قادرة على تحمل مسؤولية التغيير الحقيقي.