ميدي 24 / هيئة التحرير
يعيش حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية واحدة من أكثر مراحله ارتباكا منذ عقود، بسبب تشبث إدريس لشكر بالبقاء على رأس الحزب، وكأن التنظيم التاريخي الذي أنجب الزعامات والمناضلين الكبار صار ضيعة شخصية يورثها الرجل لنفسه كل دورة تنظيمية.
فبينما يتصاعد غضب اتحاديين في مختلف الجهات، ويعلن بعضهم تجميد عضويته رفضا لفكرة “الولاية الرابعة”، ما يزال لشكر يصر على البقاء في موقع القيادة، متحديا قواعد التداول الديمقراطي التي كان الاتحاد يفاخر بها الأحزاب الأخرى، المشهد اليوم مؤسف: حزبٌ رفع شعار الحداثة والديمقراطية يتحول إلى نموذج في احتكار القرار وتكميم الأصوات المخالفة.
أصوات وازنة داخل الاتحاد دعت إلى تجديد الدماء وإفساح المجال أمام جيل جديد يعيد الاعتبار للحزب ويسترجع ثقة المغاربة، غير أن لشكر يبدو ماضيا في مسار معاكس، متكئا على شبكة الولاءات والمصالح التي نسجها خلال سنوات من التحكم في الأجهزة، بل إن بعض المقربين منه يحاولون تسويق فكرة “تكريمه” بمنحه رئاسة مجلس رمزي يضم قدماء الحزب، وكأن الهدف ليس الإصلاح بل إخراج الرجل من الباب الكبير بعد أن أحكم إغلاق النوافذ في وجه كل إصلاح حقيقي.
القاعدة الاتحادية اليوم تغلي، والشارع الغاضب الذي يخرج ضمن احتجاجات جيل “زيد” يرى في ما يحدث داخل الاتحاد صورة مصغرة لأزمة السياسة في المغرب: زعامات متشبثة بالكراسي، وأحزاب فقدت البوصلة والروح، وصوت الشباب يُقصى باسم التجربة والخبرة.
إن استمرار إدريس لشكر في قيادة الاتحاد ليس فقط تجاوزا لإرادة الاتحاديين، بل إهانة لتاريخ الحزب ورموزه الذين ناضلوا من أجل الديمقراطية الداخلية والحرية والكرامة، والرسالة التي يوجهها الغاضبون واضحة: انتهى زمن التمديد والصفقات، وحان وقت الرحيل.

